حسمت الأبقار القضية مبكرا...
كان الأسد البربري هو أندر أنواع الأسود ، وحين مات أخر
أسد بربري أعلنت الغابة حالة الحداد وأعلنت أن علي الجميع تقديم واجب التعازي
للأسود وأن علي جميع الحيوانات المفترسة التوقف عن الأفتراس لمذة ثلاثة أيام حتي
يتسني للجميع الحزن عليه و تقديم التعازي في جو آمن وسلمي ، وكانت هذه بعض أراء
الحيوانات تعليقا علي الموضوع
قال الخروف متشككا : "لا أعتقد ان الأسد البربري قد
مات فعلا ، ربما هي خدعة حتي يقتنصنا الأسود في العرين أثناء تأديتنا واجب العزاء !"
وقال خروف اخر متشككا : "ولكن إن لم نُبد حزننا
الكافي لربما يتخذ الأسود ذلك حجة ليزدادوا في شرهم المستطير نحونا ، ويفترسوننا بمعدل
أكبر بتهمة قلة الأصل ! "
وأستقر رأي الخراف علي من يريد تقديم واجب العزاء فليذهب
ولكنه يتحمل نتيجة أفعاله .
حسمت الأبقار القضية مبكرا ، فبالنسبة لهم أسد واحد
علي قيد الحياة يساوي أربعة أبقار تفارق الحياة شهريا ، لذا فلم يطيلوا
النقاش ولم يعنيهم كثيرا تقديم العزاء ولم يحزنوا ، بل تمادوا في إظهار سعادتهم
بالتجمع عند النبع في غير أوقاتهم المسموح بها .
أما علي فروع الأشجار فدار حوار أخر بين القرود وقال
احدهم ساخطا ...
القرد : "تبا لهؤلاء الأسود ، أنهم يغالون في تقدير
الموقف ، لماذا يجب أن نحزن ؟ أنه مجرد أسد "
قرد : " أصمت يا أحمق ، أنه الأسد البربري العريق ،
أخر أسود هذا النوع ، من حقهم ان يحزنوا عليه ونحزن جميعنا "
القرد : " هو اسد وهم أسود ، فليهتموا بشؤونهم
ويتركونا نحن ! لدينا الكثير لنحزن عليه مثل تناقص الموز "
قرد : "تناقص الموز يحدث كل عام ، لكن هذا حدث جلل
... لم لا نهتم و نحزن ولو قليلا ؟"
القرد : " فليحزن الأسود علي موتاهم ولنحزن نحن علي
موزنا"
تعالت صيحات القردة بينما كان يمر بينهم حماران قال
احدهم للأخر ...
الأول : "أنني لا أصدق ما يحدث ، أين ذهبت غابتنا
القديمة ؟ لقد تمادي الكل في المظاهر !! الان نسمع عن واجب عزاء وغدا نسمع عن نصب
تذكاري !! أننا ننحدر بسرعة متحولين إلي بشر بسرعة الأرنب !! ... لم يتبقي إلا أن
يعلنوا في الغابة ان التزاوج بين الفصائل المختلفة مباح !! "
الثاني : " الحمقي ... خربوا الغابة .... !! "
مر الحماران في طريقهما بغزالتين أحدهم تقول بأستعلاء ...
الأولي :" أنني أري أن هذا جزاءه العادل ، لقد
أفترس من قطيعنا ما يعادل عشر غزلان علي مدار العام السابق "
الثانية : " وما رأيك في أن بعض الغزلان تود أن
تذهب لتقديم العزاء ؟ "
الأولي : " تملق ... أنهم يتملقون الأسود حتي لا
يفترسونهم مستقبلا ، لكن الطبيعة الحيوانية المفترسة لدي الأسود ستغلب في النهاية
و ستجعلهم ينسون تلك العهود – إذا تمت من الأساس – وسيفترسونهم في أقرب فرصة "
الأولي : " وماذا ستفعلين أنت ؟ "
الثانية : " ساتجاهلهم ، إن هذا عقاب السماء العادل
للأسد البربري ، وإن مت بسبب عدم تقديمي واجب العزاء فيكفيني انني مت بدون تملق "
سمعت النموس تلك المحادثة وقال نمس للأخر ...
نمس :" هل سمعت ؟ هناك البعض سيذهبون لتقديم العزاء
... ماذا سنفعل نحن ؟ "
نمس : " صه ... ألا توجد لديك كرامة ؟ هل تذكر أحد
النموس التي انقرضت ؟ هل حزنوا بما يكفي عندما أنقرض اخر سلالتهم ؟ هل نصبوا له
تمثالا ؟ هل توقفوا عن أصطيادنا تكريما له ؟ "
نمس : "لا ... لم يحدث ... !!"
نمس : " دعك من الأسود ذاتها ... هل شعرت بتعاطف
حقيقي من أي من الفصائل حينما مات جدنا الأكبر بين أنياب الذب الأشهب ؟ "
نمس : "لا ... أبدا ... بل لقد شعرت أنها محض
مجاملات ودموعا مزيفة ... لم يظهروا حزنا كافيا"
نمس : "إذن لماذا نحزن لموت الأسد البربري ؟"
نمس : " معك حق ... فليذهب الأسود والحيوانات جميعا
للجحيم وليس البربري فقط "
كانت النعامة وأختها تمران بالقرب منهم فقالت النعامة
لأختها منتزعة أياها من دموعها ...
النعامة :" هل لك ان تجيبي عن السؤال الأخير؟ لم
يجب علينا أن نحزن لموت الأسد البربري وأنقراضه ؟"
النعامة ( بعد أن جففت دموعها ) : " لأن قضيتنا هي
قضية حيوانية بالأساس ... المبدأ هو تقدير الحيوان لأخيه الحيوان ، هل تتخيلن ماذا
سيكون حالنا بلا أسود بربرية ؟ "
النعامة :" لا ... ماذا سيكون ؟ "
النعامة : ( بعد ان صمتت قليلا وأرتبكت قالت بعصبية ) "سنكون
بلا أسود بربرية .... كيف لا يعنيكي الأمر ؟ "
النعامة :" إذن !! ... هل يجب أن أحزن ؟ "
النعامة : "بالطبع "
فتعالي صوت النعامتين وسمعت الصقور نواحهما وقال صقر
لزميله ....
صقر ( ساخرا ) : "حقا ما يروجه البشر عن النعام ...
أنهم يدفنون رؤوسهم في الرمال ويتعاموا عن الواقع "
صقر : "أنني أري أنهما غبيتان لكن لديهما جزء من
المنطق "
صقر : "نعام ومنطق لا يختلطان !"
صقر : "إن نظرت للقضية كقضية حيوانية ف يجب أن نحزن
... اننا نعيش في عالم واحد ... وإن كان الأسد حيوان مفترس للبعض فهو مهم لدورة
الحياة نفسها ... سيحدث خلل حتما ... ثم إن الأسود تمر بنكبة ولا يصح ان نتركها في
حزنها وحدها ... يجب ان نظهر حتي قليل من التعاطف وننحي جانبا خلافاتنا "
صقر ( بعض أن نظر إليه جليا ثم ضحك ضحكة عالية أيقظت
جراء الكلب تحت الشجرة ) "إنك لا بد من الصقور المثقفين الجدد مدعي المثالية"
صقر : "أعلم ما يُروّج عن أن الأسود تدّعي الحزن وتغالي
... لكن ما يعنينا هو إظهار كرم اخلاقنا كصقور والقيام بالواجب "
صقر : "ما لنا ولهم ؟ فلتفن الحيوانات جميعا ...
نحن طيور وتلك قضية حيوانية "
صقر : "تذكر يا صاحبي أنك لن تبق للأبد في الهواء ،
أن لا بد لك أن ترتكز بأقدامك علي الصخر ... فلا بد أن تهتم بمخلوقات الأرض"
طار الصقر الأول ساخطا ساخرا لينقل لباقي الصقور خبر
الصقر الأحمق زميله المدّعي لعلهم يجدوا في السخرية منه تسلية، بينما قالت الكلبة
تحت الشجرة لكلبها محاولة أن تعيد جراءها للنوم مجددا ...
الكلبة : "تبا لتلك الصقور .... تظن انها تعيش في
الغابة وحدها "
الكلب : "نعم ... تبا لهم ... ! "
الكلبة : "غدا يجب أن تستيقظ وتذهب مع بقية
الحيوانات لعرين الأسود لتقدم التعازي "
الكلب : "نعم ... حتما ... !"
الكلبة : "ربما يرضون عنك ويعطونك عظمة متبقية من
جثة أي فريسة ... أقبلها فالجراء في حاجة إليها "
الكلب : "نعم ... علي الفور ... !"
مرت الثلاثة أيام الحداد وذهب إلي التعازي من ذهب و تخلف
من تخلف ، وعادت الحيوانات لحياتها الطبيعة وأستكلمت قضاياها السفسطائية ورفع
الحمار قضية لضمه هو والحمار المخطط لفصيلة واحدة وترفعت المخططة عن ذلك بدعوي
حفاظها علي السلالة جميلة وقوية وفريدة وأن الخطوط السوداء ليست مجرد لون مختلف
ولكنه يعكس تفردها من الداخل ، وأشتكي الثعلب السلحفاة لطعنها في نواياه و شكها
الدائم في أنه يسرق بيضها متعللة بسمعته الخبيثة وأعتياده الكذب والأنكار و ، رفع
الثعلب ضدها قضية يتهمها بالشك والقذف و الطعن في المبادئ ، و أشتكت الحيوانات
مجددا من الأفيال التي تستهلك كميات كبيرة من مياه النبع ، وأعترضت الأفيال بشدة و
حولت الأمر لقضية أزدراء لأن كمية الماء التي تستهلكها هي من طبيعتها الفسيولوجية
... وعادت الغابة لأحاديثها العادية ولكن السؤال ظل يتردد من ان لأخر ...."
هل كان يجب أن نحزن لموت الأسد البربري ؟ "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق