السبت، 10 أكتوبر 2015

سر الروشتّة

سألت أحد أصدقائي الأطباء في مرة عن سر اللوحات السريالية التي يسمونها "روشتة"
 و التي يحرص كل من تخرّجَ من كلية الطب أن يتقنها، بحيث صرت أكاد أجزم أنهم يأتونهم بدكتور من كلية فنون جميلة يلقي عليهم محاضرات و يدرّبهم علي فن "الروشتة" كجزء من منهج كلية الطب!
سألته هل هي لغة خاصة بين الطبيب و الصيدلي؟! هل يخبره مثلاً في "الروشتة" برسالة سرية ك: "هذا المريض أحمق أعطه أغلي الأدوية" أو "أين نسبتي من الأدوية التي أكتبها للمرضي يا لص؟" أو "٢ جنيه بيض، ٤ جنيهات عيش فينو، و اصرف له فيتامينات"!!

ضحك صديقي و قال لي: "العيب في المرضي!"
تأهبت لأتعامل معه كما أتعامل مع كل من يقولوا "العيب في الشعب اللي مش عايز يشتغل و الحكومة هتعمل ايه!" و لكنه أسعفني بتفسير فريد...
قال: أحد الأطباء كتب روشتة بخط مُنمّق و مفهوم و بحروف صغيرة أنيقة، هل تعلم ماذا فعل المريض؟ ذهب لطبيب أخر إذ شك في قدرات الطبيب لأنه وجد أن خطه ليس معقد و مُبهم كباقي الأطباء الطبيعيين!
إن الناس تحب أن يروا الغرابة في الشئ حتي يثقوا به، صدقني لا أحد يحب الوضوح حقاً، و خط الطبيب المموه هو جزء يرضي به نفسية المريض، مثله مثل ثمن الفيسيتا المرتفعة التي تفوق قدرة المريض لكنها تضمن له أن هذا طبيب ممتاز، و أيضاً السيكرتيرة التي تعطي مواعيد بالأسبوع و هذا ليس بدافع الإزدحام حقاً لكن لكي يبدوا لك الطبيب منشغل بالكثير من المرضي، و كثير من المرضي إذن هذا طبيب مطلوب، إذن هو ناجح، إذن فلأنتظر ولو أسبوعين و ليس اسبوع واحد!  الأمر مثل عربة الكبدة التي لن تشتري منها إلا لو كان اسمها "المعفن" أو "القذر"!!

لن تأكل منها إلا لو رأيت عشرات القطط التي تحوم حولها... صدقني الناس تحب هذا، و لن ترضي بغير هذا، أنت تعرف أني طبيب، و تعرف أن التدخين ضار بالصحة، و لم تخشَ مرة علي صحتك و لم تشك في كفائتي و تستمر في سؤالي عن نصائح طبية علي الرغم من أني طبيب مدخن!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق